في 5 يناير من عام 2021، أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود عن عودة العلاقات الكاملة بين قطر ودول المقاطعة الأربع: السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر. وقال إن هذه الدول اتفقت على “تنحية خلافاتها جانبا تماما”، وذلك خلال قمة مجلس التعاون الخليجي، بعد نحو ثلاث سنوات من المقاطعة.
اتفاق العلا
وقّع قادة الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في القمة الخليجية اتفاقية تُعرف ب “إعلان العلا”؛ قال عنها ولي العهد السعودي إنها تؤكد “تضامننا واستقرارنا الخليجي والعربي والإسلامي”. وأضاف أن “هناك حاجة ماسة اليوم لتوحيد جهودنا، للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا، لا سيما التهديدات التي يمثلها البرنامج النووي الإيراني والصواريخ البالستية، وخططها للتخريب والتدمير”. وقد جاءت هذه الخطوة نتيجة للجهود المكثفة للوسطاء الكويتيين والأمريكيين لإنهاء الأزمة.
بدء تحسُّن العلاقات
ومنذ هذه اللحظة، بدأت العلاقات بين قطر ودول الخليج تتحسّن بشكل ملحوظ، ولعلّ من أبرز تلك المؤشرات هو الحضور الرسمي لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحفل افتتاح بطولة كأس العالم في نسخته ال 22، والذي نظّمته قطر. ذلك التنظيم الذي أشادت فيه جميع الدول الخليجية والعربية وجميع دول العالم.
ولقد سبقت هذه الخطوة عدة خطوات إيجابية بين الدول الخليجية بعد “اتفاق العلا”، ففي مارس 2022، أعلنت المنامة أن مشروع جسر قطر البحرين الذي يبلغ طوله 40 كيلومترًا سيُستأنف. وبدأت خطة ربط الدولتين عن طريق الجسر في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكنها توقفت عندما اندلعت أزمة دول مجلس التعاون الخليجي. ورفعت وزارة الخارجية البحرينية “قطر” من قائمة الدول التي يحظر السفر إليها، وألغت متطلبات الحصول على تأشيرة دخول للقطريين إلى البحرين، وذلك بعد التقاء العاهلين البحريني والقطري على هامش قمة جدة للأمن والتنمية في عام 2022. ويشير كلا الحدثين إلى تطورات مهمة في تحسن العلاقة بين البحرين وقطر بعد سنوات من التوتر.
بدء الزيارات الرسمية
وفي ديسمبر عام 2022، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات محادثات في قطر في أول زيارة رسمية من نوعها منذ إنهاء السعودية وحلفائها مقاطعة الدوحة قبل نحو عامين، وأشاد باستضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم بوصفها “نجاحًا” لكل العرب. واعتُبر اللقاء خطوة أخرى نحو تعزيز التضامن والعمل الخليجي المشترك.
وأيضا تبادلت كلا من مصر وقطر الزيارات الرسمية بين الدولتين بعد “اتفاق العلا”، وأدت المباحثات الموسعة بين البلدين إلى مجموعة من الاستثمارات القطرية والشراكات التي ستضخها الدوحة في الاقتصاد المصري بإجمالي يصل إلى خمسة مليارات دولار.
مؤشرات إنهاء المقاطعة
خلال فترة المقاطعة كانت هناك عديد من المفاوضات بين أطراف النزاع تتأرجح فيها خطوات الحل بين التقدم نحو الصلح تارة و التأخر تارة أخرى.
في عام 2019: تلقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رسالة مكتوبة من الملك السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي التي عُقدت في ديسمبر في الرياض، وقد تلقّى أمير قطر دعوات إلى قمم مجلس التعاون الخليجي السابقة، لكنّه امتنع عن المشاركة شخصيًا واكتفى بإيفاد ممثلين له.
شاركت كل من السعودية والإمارات والبحرين في كأس الخليج العربي لكرة القدم “خليجي 24” والذي أقيم في قطر. وكذلك شارك مسؤول مصري في جامعة الدول العربية في مؤتمر أقيم خلال البطولة ما عزّز الآمال بنجاح جهود الوساطة حينها.
وكانت دول المقاطعة قد رفضت قبل عامين المشاركة في النسخة السابقة من كأس الخليج التي كانت مقرّرة في الدوحة، وذلك بعد أشهر قليلة من اندلاع الأزمة، لكنّها عادت وشاركت في البطولة بعدما تقرر نقل استضافتها إلى الكويت.
في عام 2021: في شهر أغسطس من عام 2021، عيّن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني السيد بندر محمد عبد الله العطية سفيرًا فوق العادة مفوضًا لدى المملكة العربية السعودية، وهذا ما عُدّ مؤشرًا جديدًا على تحسّن العلاقات بعد أن اتفقت الرياض وحلفاؤها هذا العام على إنهاء الخلاف مع الدوحة.
بداية الأزمة
أما عن شرارة تلك الأزمة فقد بدأت عقب الأحداث التي جرت في بلدان الشرق الأوسط و التي نتج عنها إتهام قطر بتمويل الإرهاب.
في عام 2013: وقّعت قطر على “اتفاق الرياض” الذي تتعهد فيه قطر بمراعاة التحفظات السعودية تجاه ما وصفته الرياض بأنه تدخلات في سيادة دول الجوار وانتهاجًا لسياسات مزعزعة للاستقرار.
في عام 2014: فشلت قطر بالالتزام بما وقعت عليه في “اتفاق الرياض”، لينطلق ما اصطلح على تسميته بـ “أزمة سحب السفراء” في مارس 2014، أي بعد أربعة أشهر من التوقيع. واستمرت الأزمة حتى نوفمبر من العام نفسه، بعد أن نجحت وساطة كويتية في حينها بإعادة المياه إلى مجاريها بتوقيع قطري جديد تحت مسمّى “اتفاق الرياض التكميلي”، الذي أعادت بعده الرياض وأبو ظبي والمنامة سفراءها إلى العاصمة القطرية.
المقاطعة
وهكذا لم تكن العلاقة مستقرة بين قطر ودول الخليج ومصر مما أدى إلى مقاطعة كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر لجميع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الدوحة في يونيو من عام 2017، وأُغلقت الحدود البرية الوحيدة لقطر، ومُنعت السفن التي ترفع العلم القطري أو التي تخدم قطر من الرسو في العديد من الموانئ، كما أغلق معظم المجال الجوي في المنطقة أمام الطائرات القطرية.
وقدمت الدول الأربع إلى قطر 13 مطلبًا كشرط لإنهاء الحصار. وشملت المطالب إغلاق قناة الجزيرة وغيرها من المنافذ الإخبارية التي تموّلها قطر، وخفض العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر، وإنهاء “التدخل” في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.